إندونيسيا وتجربة لقاح السل إم اثنان وسبعون: بين التحديات الصحية والفرص العالمية
أثار حضور بيل غيتس إلى إندونيسيا في الأسبوع الماضي ردود فعل متنوعة. وكان من أبرز النقاط التي حظيت بالاهتمام تجربة لقاح السل (داء السل) إم اثنان وسبعون، التي تُجرى حالياً في إندونيسيا، إلى جانب عدد من الدول مثل الهند وجنوب أفريقيا.
وباعتبارها الدولة التي تحتل المرتبة الثانية عالمياً من حيث عبء الإصابة بالسل، فإن مشاركة إندونيسيا في هذه التجربة السريرية لا تُعد أمراً مفاجئاً. بل إنها تعكس الدور الاستراتيجي الذي تضطلع به إندونيسيا في البحث عن حلول عالمية لمرض لا يزال يُشكل تهديداً للصحة العامة.
فهل يعني ذلك أننا أصبحنا "فئران تجارب"؟
الإجابة: ليست بهذه البساطة. إن تجربة لقاح إم اثنان وسبعون تُنفذ وفقاً لمعايير أخلاقية صارمة وتحت إشراف دقيق، وذلك تماشياً مع لوائح وكالة الرقابة على الأدوية الإندونيسية (هيئة الغذاء والدواء الإندونيسية) والبروتوكولات الدولية. ويشارك المتطوعون في هذه التجربة طوعاً بعد إتمام عملية الموافقة المستنيرة، ويتم متابعتهم بشكل شامل طوال مدة التجربة.
تم تطوير لقاح إم اثنان وسبعون خصيصاً لحماية الفئة العمرية من خمس عشرة إلى خمسين سنة من السل الرئوي، وقد أظهر نتائج واعدة في المراحل السابقة، حيث بلغت فعاليته نحو خمسين في المئة. أما المرحلة الثالثة من التجربة، والتي تُجرى حالياً، فتهدف إلى تعزيز بيانات الأمان والفعالية للقاح قبل اعتماده للإنتاج على نطاق واسع، والمخطط له أن يبدأ عام ألفين وتسعة وعشرين إذا اجتاز جميع المراحل بنجاح.
وتُطرح هنا تساؤلات أخرى: لماذا سيتم إنشاء مصنع الإنتاج في سنغافورة وليس في إندونيسيا؟
الجواب يرتبط باعتبارات استراتيجية. فقد تم اختيار سنغافورة نظراً لفعاليتها التنظيمية، واستقرارها السياسي، وقدرتها كمركز إقليمي. إلا أن ذلك لا يعني استبعاد دور إندونيسيا—بل على العكس، فإن مشاركتها الفاعلة في هذا البحث تمنحها فرصة كبيرة لتكون قاعدة للإنتاج، والبحث المستقبلي، وحتى توزيع اللقاح في المرحلة القادمة.
إنه ليس مشروعاً أجنبياً عابراً فحسب، بل لحظة محورية تُسهم فيها إندونيسيا في تحديد مسار السياسات الصحية العالمية.
Comments
Post a Comment