الحربُ العالميّة الثالثة؟ ليسَ الآن، وربما لاحقًا
في الآونةِ الأخيرة، صوّرت العديدُ من وسائل الإعلام السائدة العالمَ وكأنّه على شفا اندلاع حربٍ عالميّة ثالثة. عناوينٌ دراميّةٌ تصدّرت الصفحات: "العالم على حافة الغليان"، "الحربُ الكبرى وشيكة"، و"خطوة صغيرة نحو كارثةٍ عالميّة". ولكن، إذا نظرنا إلى المشهد بعينٍ عقلانيّةٍ واستراتيجيةٍ واضحة، سيتّضح لنا أنّ العالم لم يصل بعدُ إلى حافّة الهلاك، على الأقل في الوقتِ الراهن. في عالم العلاقات الدولية، لا تتصرّف الدولُ كممثلين اندفاعيين. إنّ الدولة كيانٌ عقلانيّ، تتّخذ قراراتها بناءً على حسابات الربح والخسارة، وقدراتها الوطنية، وموقعها التفاوضي. حتى المشاريع الطموحة، مثل مشروع "إسرائيل الكبرى" الذي يدعو إليه بعض المتطرّفين الصهاينة، أو شعار "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" الذي يتبنّاه أنصارُ حركة "ماجا" في الولايات المتحدة، تخضع في النهاية لقوانين الواقع السياسي الصارم. لم تكن الحربان العالميّتان الأولى والثانية نتاج جنونٍ جماعيّ من قِبل الدول الكبرى، بل كانتا ثمرةَ حساباتٍ استراتيجيّة خاطئة. فقد أشعلت ألمانيا الحربين بعد أن اعتقدت أنّ المخا...