المصدر: توان أيمن رشدان وونغ

في الأسبوع الماضي فقط، استمعنا إلى أنباء تفيد بأن العلاقة التي كانت وطيدة في السابق بين دونالد ترامب وإيلون ماسك قد بدأت تتدهور.

أما هذا الأسبوع؟ فقد بلغ الخلاف بينهما ذروته.

تعكس هذه الحالة مجددًا افتقار إيلون ماسك إلى الحكمة السياسية؛ إذ يتسم بردود فعل سريعة ومندفعة، وكثيرًا ما يُطلق التصريحات بلا تروٍ. ولكن ترامب أيضًا ليس من أولئك الذين يلتزمون الصمت؛ فكلاهما يتصف بردود فعل انفعالية مفرطة. وباختصار، هو صراع بين شخصين يتقنان فن التصعيد. حتى شي جين بينغ قد لا يجد ما يكفي من حبّات البذور ليواكب هذه الدراما.

ويُقال إن شرارة هذا التوتر اشتعلت بسبب مشروع قانون يُدعى مشروع الفاتورة الكبيرة والجميلة — وهو مقترح من ترامب لتقليص الضرائب والإنفاق الحكومي.

منذ البداية، كان من أولويات أجندة ترامب خفض الضرائب، وخصوصًا على الطبقات العليا وحلفائه المقربين. كما كان يهدف إلى تقليص الإعانات والنفقات الاجتماعية الموجهة للشعب. وهذا يتماشى مع الأيديولوجية النيوليبرالية التي يتبناها الحزب الجمهوري: حكومة صغيرة، إنفاق أدنى، وخصخصة قصوى.

غير أن ما يُثير الاستغراب أن مشروع القانون يتضمن مخصصات كبيرة — تُقدّر بمائة وخمسين مليار دولار أمريكي — للإنفاق الدفاعي. بل ويقترح أيضًا رفع سقف الدين الوطني بمقدار أربعة تريليونات دولار أمريكي.

أما الآن، فقد بلغ الدين الحكومي للولايات المتحدة الأمريكية ستة وثلاثين تريليون دولار أمريكي. وإذا أُضيفت إليه أربعة تريليونات أخرى، سيصل إلى أربعين تريليونًا. وللمقارنة، فإن حجم الدين الحكومي في ماليزيا لا يتجاوز مائتين وثمانين مليار دولار أمريكي — أي أقل من واحد بالمائة من حجم الدين الأمريكي.

إيلون ماسك لم يُخفِ استياءه، إذ يرى أن هذا المشروع يتعارض مع جهوده السابقة التي كان يدّعي من خلالها السعي لتقليص العجز الحكومي. وقد تعرّض في وقت سابق لانتقادات من الشعب بسبب دعوته لخفض الإنفاق غير الضروري، لكن ها هو ترامب اليوم يُضيف ديونًا جديدة دون تردد.

وقد تمت الموافقة على مشروع القانون في مجلس النواب، وهو الآن بانتظار مناقشته في مجلس الشيوخ. ويمتلك الجمهوريون أغلبية ضئيلة — ثلاثة وخمسين مقعدًا من أصل مائة — مما يُبقي على احتمال عرقلة المشروع، لا سيما في ظل الحملة النشطة التي يقودها ماسك على منصة "إكس" ومن خلال شبكاته السياسية.

عندما شنّ ماسك هجومًا حادًا على مشروع القانون، ردّ ترامب بلهجة لا تقل حدّة:

«إذا كنتَ تريد توفير أموال الحكومة، فالحل بسيط — ألغِ جميع العقود الحكومية التي وُقّعت مع شركات إيلون منذ عهد جو بايدن.»

الرسالة الضمنية كانت: «أليس من السخرية أن تكون ثروتك من أموال الدولة، ثم تتظاهر بالنزاهة؟»

لم يحتمل ماسك هذا الاتهام، فردّ قائلًا:
«لولا دعمي، لكنتَ قد خسرت الانتخابات الماضية! ألم تُظهر شيئًا من الامتنان؟»

وبذلك تحوّل الخلاف إلى تبادل للاتهامات وتذكير بالجمائل السابقة.

ترامب لم يتراجع، بل ردّ بسخرية:
«إيلون مستاء فقط لأني لم أدعم مشروعه في السيارات الكهربائية.»

وبلغ الصراع ذروته حين نشر ماسك على منصة "إكس" منشورًا يتهم فيه ترامب بأنه من بين زبائن جيفري إبستين.

وإبستين هو ملياردير يهودي اشتهر بفضائح تتعلق بالاستغلال الجنسي للقاصرات، وأصبح رمزًا لمدى فساد النخبة الأمريكية. وقد وعد ترامب في السابق بنشر قائمة عملاء إبستين عندما يصبح رئيسًا — لكن تلك القائمة لم تُكشف حتى اليوم.

وبعد أن فجّر ماسك هذه الاتهامات، بدا أن لهجة ترامب قد خفّت قليلًا. بدأ يتحدث عن نوايا إيجابية وراء مشروع القانون. لكن هذا لا يعني أن الدراما قد انتهت. فكلا الرجلين من أبرز رموز الاستعراض السياسي في العالم.

من سينتصر في النهاية؟

رغم ثروة ماسك الهائلة، إلا أنه لا يمتلك الحنكة السياسية التي يتمتع بها بيتر ثيل، مستشار ترامب الذي يتمتع بنفوذ أوسع من ماسك نفسه. فضلًا عن أن سلوك ماسك مؤخرًا بدأ ينعكس سلبًا على شركاته. إذ يأمل مستثمرو "تسلا" أن يعود تركيزه إلى الإدارة، لكن يبدو أنه لا يزال غارقًا في السياسة. ونتيجة لذلك، تراجعت أسهم "تسلا" ليومين متتاليين.

تُظهر هذه الحلقة مرة أخرى مدى تفكك وانحلال النظام السياسي الأمريكي المعاصر — وهو ما يُلقي بظلاله على مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى عالميًا.

عيد أضحى مبارك.
نأمل أن لا تكون هذه الدراما مجرد صراع بشري، بل تجليًا لإرادة إلهية — تنكشف فيها الباطل، ويتجلى فيها الحق تدريجيًا.

Comments

Popular posts from this blog

Visi dan Misi serta Schedule PW IPM Sulsel Periode 2014 - 2016

QRIS vs Visa/MasterCard: Asserting Indonesia’s Sovereignty in the National Payment System

Happy Mother's Day