الحنين إلى الأب

بدأ اليوم بمكالمة غير متوقعة من أبي. كان صوته يبدو مرحاً رغم التعب. قال: "هذا عملي، تنظيف صفين من منطقة الفلفل"، بلهجته المميزة "كونجو" التي تذكرني دائماً بـ"تاواو". ابتسمت وأنا أستمع إليه. تحدث أبي طالباً الدعاء له بالصحة والعافية دائماً. ورغم تقدمه في العمر، إلا أن عزيمته على الزراعة ما زالت قوية. كان يزرع الفلفل، وهو المحصول الذي أصبح مصدر رزق يومي لعائلتنا للبقاء على قيد الحياة.

سماع هذه القصة أشعل الدفء في قلبي. تذكرت طفولتي، عندما كنت غالباً أساعد أبي في الحقل، رغم أنني كنت ألعب أكثر مما أعمل. الآن، وأنا بعيد عن "تاواو"، تبدو هذه الذكريات قريبة جداً.

كرد على ذلك، قمت بتصوير وتسجيل فيديو لأنشطتي اليوم كرائد توصيل، حيث أوصل الطلبات من مكان إلى آخر. أردت أن يعلم أبي أنني أيضاً أعمل بجد، وإن كان ذلك في مسار مختلف. أرسلت له الصور والفيديو، على أمل أن أُدخل السرور إلى قلبه، وأظهر له أنني لم أنسَ أبداً قيم العمل الجاد التي زرعها في داخلي.

كما طلبت منه الإذن للتواصل مع رئيس الحي بشأن تصحيح بعض الوثائق. قلت له: "حتى تكون العمليات المستقبلية أسهل، يا أبي." وكعادته، قدم دعمه الكامل قائلاً: "نعم، يا بني. اعتنِ بالأمور المهمة من أجل مستقبلك."

كانت المحادثة بسيطة، لكنها مليئة بالمعاني. وسط انشغالنا كل في حياته، أعاد هذا الحنين قوتي على الاستمرار في السعي. أبي، بعمله الجاد في الحقل، وأنا، برحلتي بعيداً عن الوطن، نخوض كلاً منا كفاحه الخاص. اليوم تعلمت أن المسافة لا تفصل أبداً الحب والعزيمة التي تورث من جيل إلى آخر.

Comments

Popular posts from this blog

Visi dan Misi serta Schedule PW IPM Sulsel Periode 2014 - 2016

Orang yang dicintai Allah SWT

Review of the Movie "Upstream" (Chinese): The Journey of a Fighter