حرب التعريفات الجمركية: العالم يسير نحو حالة من عدم اليقين الاقتصادي؟

يُعَد إعلان دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية على كندا والمكسيك بداية لعصر جديد في التجارة العالمية—عصر حرب التعريفات الجمركية. وكما ينص قانون الفعل ورد الفعل، فإن الدول التي تُفرض عليها التعريفات سترد بالمثل. وقد أبدت كل من كندا والمكسيك ردود أفعالها بالفعل، بينما تستعد الصين والاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات مماثلة.

وعلى الرغم من أن منطقة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) لم تصبح حتى الآن هدفًا مباشرًا، إلا أنه لا ينبغي لنا الشعور بالاطمئنان التام. فمع تزايد النزعة الحمائية في الاقتصاد العالمي، ستتأثر تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة بلا شك. لا يفضل المستثمرون عدم اليقين؛ فهم يبحثون عن الاستقرار على المدى الطويل، لا سيما في بيئة الأعمال والتجارة. وإذا تصاعدت الحرب التجارية، فسيؤدي ذلك إلى تأجيل الاستثمارات الكبرى، مثل إنشاء المصانع أو توسيع الشركات، نظرًا لتزايد المخاطر.

علاوة على ذلك، فإن استخدام الولايات المتحدة للاحتياطي الفيدرالي كسلاح اقتصادي قد يؤدي إلى مشاكل في السيولة على المستوى العالمي. فالبلدان التي تعتمد بشكل كبير على الدولار الأمريكي—وخاصة تلك التي تعتمد على الصادرات—ستواجه صعوبات في الحصول على التمويل ورأس المال. كما أن عدم الاستقرار في أسواق السندات سيجعل من الصعب على الشركات الحصول على القروض، بينما قد ينخفض الطلب العالمي على السلع والخدمات.

وبالنسبة للدول التي تتبنى سياسات تقشف مالي—مثل خفض الإعانات وتقليص العجز—فإن التأثير سيكون أكثر وضوحًا. فعندما تخفض الحكومة إنفاقها، في الوقت الذي تتراجع فيه الاستثمارات الأجنبية، سيؤدي ذلك إلى تباطؤ الدورة الاقتصادية المحلية. سينخفض مستوى القوة الشرائية للمواطنين، وستتأثر الشركات سلبًا بسبب انخفاض تدفق الأموال في الأسواق.

ما يقوم به ترامب ليس مجرد إجراء تجاري عادي، بل هو شكل من أشكال الإمبريالية الاقتصادية الحديثة. فمن خلال إجبار الشركات العالمية على الاستثمار داخل الولايات المتحدة، يسعى إلى ضمان احتفاظ بلاده بمكانتها كقوة اقتصادية رئيسية في العالم.

في ظل هذه الظروف، ينبغي على الدول الأخرى أن تستعد لمواجهة تحديات جديدة. سيصبح عدم اليقين هو القاعدة، ومن لا يتكيف مع هذه التغيرات قد يجد نفسه غارقًا في تيار التحولات الاقتصادية. لذلك، استعدوا للسنوات القادمة، التي ستشهد بلا شك العديد من المفاجآت الاقتصادية.